يرفع المنتخب الأرجنتيني لكرة القدم الستار غدا الجمعة عن فعاليات بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) الثالثة والأربعين التي تستضيفها بلاده من الغد وحتى 24 تموز/يوليو الحالي بمشاركة جميع منتخبات الدول العشر في هذه القارة بالإضافة لمنتخبي المكسيك وكوستاريكا اللذين يشاركان في البطولة بدعوة من المنظمين.
ويستهل المنتخب الأرجنتيني مسيرته في البطولة بمواجهة ثأرية مع نظيره البوليفي في المباراة الافتتاحية للبطولة على استاد "أونيكو" بمدينة لا بلاتا بعد عامين فقط من الهزيمة الثقيلة والمدوية 1/6 التي مني بها الفريق الأرجنتيني أمام نظيره البوليفي في عقر دار الأخير بالعاصمة لاباز ضمن تصفيات قارة أمريكا الجنوبية لبطولة كأس العالم 2010 .
وبعيدا عن هذه الهزيمة التي أثارت الكثير من الجدل في ذلك الوقت ، يمتلك المنتخب الأرجنتيني تفوقا هائلا على منافسه في الخبرة والإمكانيات والإنجازات على الصعيدين القاري والعالمي.
ويقتسم المنتخب الأرجنتيني مع منتخب أوروجواي الرقم القياسي في عدد مرات الفوز باللقب القاري برصيد 14 لقبا لكل منهما كما سبق للمنتخب الأرجنتيني (راقصو التانجو) أن توج بلقب كأس العالم مرتين في عامي 1978 بالأرجنتين و1986 بالمكسيك.
وفي المقابل ، يتوقف رصيد المنتخب البوليفي في سجل الأبطال بكوبا أمريكا على لقب وحيد توج به في عام 1963 كما بلغ المباراة النهائية للبطولة عام 1997 بينما لم يحقق بخلاف ذلك أي إنجاز على المستويين العالمي أو القاري.
لذلك ، يسعى المنتخب الأرجنتيني إلى استغلال الفارق الهائل في التاريخ والخبرة لتقديم بداية جيدة في مسيرته بالبطولة الحالية التي يسعى من خلالها إلى استعادة ذاكرة الألقاب والصعود إلى قمة منصة التتويج باللقب القاري للمرة الأولى منذ 18 عاما.
ورغم الترشيحات الهائلة التي صاحبت الفريق في جميع البطولات القارية والعالمية التي خاضها على مدار العقدين الماضيين ، كان أخر إنجاز لراقصي التانجو هو الفوز بلقب كوبا أمريكا 1993 بينما سقط الفريق أمام غريمه التقليدي ، البرازيل ، في المباراة النهائية بكل من البطولتين الماضيتين.
ومع إقامة البطولة هذا العام على أرضه ووسط جماهيره ووجود اللاعب الرائع ليونيل ميسي ضمن صفوفه ، لم يعد أمام منتخب التانجو الأرجنتيني أي مبرر للفشل خاصة بعدما اكتسب ميسي خبرة هائلة من خلال تألقه في صفوف برشلونة الأسباني على مدار السنوات الماضية وهو ما ساعده على الفوز بلقب أفضل لاعب في العالم على مدار العامين الماضيين.
ويخوض ميسي بطولة كوبا أمريكا هذا العام بدافع إثبات الذات مع منتخب بلاده ويدعمه في هذه المحاولة التفاؤل الشديد بعدما لعب دورا بارزا في فوز الفريق بلقبي الدوري الأسباني ودوري أبطال أوروبا كما تحفزه على التألق في كوبا أمريكا رغبته الملحة في تحقيق أول إنجاز له مع منتخب بلاده.
وبعد فشل المنتخب الأرجنتيني بقيادة الأسطورة مارادونا في إحراز اللقب القاري في ثلاث بطولات متتالية لعب النجم الأرجنتيني السابق جابرييل باتيستوتا دورا كبيرا في قيادة الفريق إلى الفوز باللقب عام 1993 بالإكوادور.
ومنذ ذلك الحين ، لم ينجح المنتخب الأرجنتيني في تحقيق أي نجاح على المستويين العالمي والقاري ، فكانت أخر إخفاقاته على الساحة العالمية من خلال الخروج المهين من مونديال 2010 بالهزيمة صفر/4 أمام ألمانيا.
وكانت الهزيمة الثقيلة أمام نظيره الألماني في مونديال 2010 هي خط النهاية لمسيرة المدرب دييجو مارادونا ، أسطورة كرة القدم الأرجنتيني ، كمدير فني للفريق.
وجاء الدور على مواطنه سيرخيو باتيستا ليمسك بزمام الأمور في المنتخب الأرجنتيني استعدادا لكوبا أمريكا 2011 ومونديال 2014 .
وعلى مدار أقل من عام تولى فيه المسئولية ، لجأ باتيستا إلى تجربة عدد هائل من اللاعبين يفوق كثيرا العدد الذي لجأ مارادونا لتجربتهم خلال مسيرته مع الفريق.
وعمد باتيستا إلى إجراء تغييرات كبيرة في صفوف الفريق واضعا في اعتباره الاعتماد على مجموعة من اللاعبين تستطيع الدفاع عن سمعة الكرة الأرجنتينية في مونديال 2014 بالبرازيل.
ولكنه في الوقت نفسه ، حافظ على وجود عدد من اللاعبين الكبار والمخضرمين في صفوف الفريق يصعب استمرارهم مع الفريق حتى نهائيات مونديال 2014 ومنهم خافيير زانيتي /37 عاما/ الذي ما زال أفضل ظهير أيمن للمنتخب الأرجنتيني في تاريخ الفريق أو على الأقل من وجهة نظر باتيستا.
ولكن يظل ميسي هو النجم الأبرز في صفوف التانجو وتبقى رغبته وقدرته على تحقيق إنجاز مع الفريق هي الأمل الكبير للفريق في هذه البطولة لاسيما وأنه يسعى من خلالها إلى التربع في قلوب مشجعي المنتخب الأرجنتيني الذين طالما اتهموه بأنه يجيد مع ناديه ويخفق مع منتخب بلاده وما زالوا يضعونه في مرتبة أدنى كثيرا من مارادونا وغيره من نجوم التانجو السابقين.
ولذلك ، يسعى باتيستا في خطة اللعب التي سيخوض بها البطولة ، إلى محاكاة طريقة لعب برشلونة التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة لأطول وقت ممكن وإنهاء الهجمة بأفضل شكل ممكن مع التمرير الدقيق والمهارة الفائقة أملا في منح الفرصة لميسي على التألق وقيادة الفريق نحو اللقب.
وإلى جانب ميسي ، يمتلك المنتخب الأرجنتيني العديد من العناصر الرائعة والمؤثرة مثل كارلوس تيفيز الذي عاد مؤخرا لصفوف الفريق بعد تألقه في الموسم المنقضي مع فريق مانشستر سيتي الإنجليزي.
كما يضم الفريق عناصر هجومية رائعة يأتي في مقدمتها بجوار ميسي اللاعب الشاب سيرخيو أجويرو نجم أتلتيكو مدريد الأسباني وأحد النجوم الساطعة في سماء كرة القدم حاليا وجونزالو هيجوين مهاجم ريال مدريد الأسباني ويتألق بجواره في ريال مدريد والمنتخب الأرجنتيني اللاعب الشاب آنخل دي ماريا.
ولا يخلو خط الدفاع من النجوم البارزين مثل زانيتي وخافيير ماسكيرانو نجم برشلونة الأسباني.
وفي المقابل ، يدرك المنتخب البوليفي بقيادة مديره الفني الجديد جوستافو كوينتروس أن الفوز الثمين والساحق له على منتخب الأرجنتين في نيسان/أبريل 2009 كان مفاجأة من العيار الثقيل وأن عليه توخي الحذر في مواجهة الثأر الأرجنتيني المتوقع.
واعترف كوينتروس ولاعبوه وفي مقدمتهم مارسيلو مورينو مارتينز نجم هجوم شاختار دونيتسك الأوكراني بأن هدف الفريق في البطولة سيكون الظهور بصورة جيدة من ناحية والإعداد الجيد لتصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لبطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل.
ولم يكن المنتخب البوليفي ينتظر بداية أصعب من هذه المباراة في مسيرته بكوبا أمريكا ولكن قد تصبح المباراة فرصة جيدة لتفجير إحدى مفاجأت المباريات الافتتاحية في البطولات الكبيرة.
ويحتاج المنتخب البوليفي من أجل ذلك إلى إيقاف مفاتيح لعب المنتخب الأرجنتيني وفي مقدمتها ميسي.
ويرى المنتخب البوليفي أن الطريقة المثالية لمواجهة راقصي التانجو بقيادة ميسي هو محاكاة الأسلوب الدفاعي الذي ينتهجه المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو والذي نجح به من قبل في إيقاف خطورة برشلونة.
وسبق لمورينيو أن أوقف خطورة برشلونة عندما كان مديرا فنيا لإنتر ميلان الإيطالي وذلك في بطولة دوري أبطال أوروبا موسم 2009/2010 ثم في مباراة نهائي كأس ملك أسبانيا في الموسم المنقضي من خلال موقعه في منصب المدير الفني لريال مدريد.
وقال كوينتروس :"الطريقة المثالية التي أوقفت خطورة برشلونة كانت من صناعة (جوزيه) مورينيو المدير الفني لريال مدريد ولذلك سنحاكي الطريقة الدفاعية لمورينيو من أجل إيقاف خطورة التانجو الأرجنتيني في بداية مسيرتنا ببطولة كوبا أمريكا.. من المرجح أن نطبق طريقة اللعب 4/2/3/1 لأن فريقي يضم لاعبين يمكنهم التأقلم مع هذه الطريقة بشكل رائع".
ومن المنتظر أن يعتمد المنتخب البوليفي في هجومه على مارتينز نجم شاختار دونيتسك الأوكراني.
وسبق للمنتخبين أن التقيا 13 مرة سابقة في بطولات كوبا أمريكا حيث كان الفوز للمنتخب الأرجنتيني في عشر مباريات وتعادل الفريقان مرة واحدة بينما كان الفوز حليفا للمنتخب البوليفي في مباراتين وسجل المنتخب الأرجنتيني في هذه المباريات 42 هدفا مقابل ثمانية أهداف فقط للمنتخب البوليفي.