يقول
الله تبارك وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا
يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]
ففي هذا الشهر الكريم، وإنزال القرآن فيه؛ أمرنا الله بشكره والتكبير عند انتهائه.
وأمّا
الصبر؛ فقد سمي رمضان بشهر الصبر لاشتماله على أنواع الصبر الثلاثة –
الصبر على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى أقدار الله – لذلك قال الله في
الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» .
على ماذا نشكر ونصبر؟
اشكر الله:
على ما أنعم به عليك من بلوغ مواسم الخيرات فقد منَّ عليك بنعمة يجب الفرح بها..
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [ يونس: 58 ] .
فاصبر: على فعل الطاعات فيه
اشكر الله: على عظيم أجر الصيام.
يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به » [متفق عليه].
وما ذاك إلا لما اشتمل عليه الصوم من أنواع الصبر الثلاثة:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن معصية الله.
3- صبر على أقدار الله.
فكان أجرالصبر بغير حساب، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ الزمر: 1
فاصبر: على مراقبة الله.
اشكر الله: على عظيم أجر الأعمال في رمضان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].
واصبر: على تحصيل الإخلاص، فالإخلاص عزيز..
اشكر الله: أن يسر للأمة طريقة العلم بدخول الشهر.
ففي الحديث: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» [رواه البخاري].
اصبر: على الشائعات المشككة، ثم إن الدليل جاء فيه (لرؤيته) أي بالعين المجردة.
فإن الناس لو كلفوا الحساب لضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم
اشكر الله: على ما تفضل به على هذه الأمة فأعطاها خمس خصال لم تعطها أمة من الأمم:
1. خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
2. تستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا.
3. يزين الله في كل يوم جنته ويقول: «يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك» [رواه أحمد] .
4. تصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره.
5. يغفر الله لهذه الأمة في آخر ليلة منه .
واصبر: حتى تلقي عنك المؤونة وهذا الأذى وتصير إلى الجنة ونعيمها..
اشكر الله: أن جعل الصوم جنّة.
جنّة: حصن حصين من النار. فالصوم حفظ من المعاصي، وردء من السيئات، وحجاب من النار، وجنة من غضب الجبار.
عن
أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الصيام
جنّة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنّي صائم»
[رواه البخاري].
اصبر: حتى يكون الصوم كذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إنّي صائم» [رواه البخاري].
وقل
بصوت: إنّي صائم.. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى من الدنيا ما
يعجبه وخاف أن تتعلق نفسه قال: «لبيك إن العيش عيش الآخرة» [مسند الإمام
الشافعي].
اشكر الله: على زوال المعوقات لفعل القربات.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين» [رواه البخاري].
اصبر: على طلب القبول من الله بعد انقياد نفسك للطاعات .
اشكر الله:
على أن أعطاك أجر صيام من تدرب من أبناءك وأعلم أن لك أجر صيامهم لا ينقص من أجورهم شيئاً. والدال على الخير كفاعله.
اصبر: على تدريبك لأولادك وصغار بيتك على الصيام .
اشكر الله: على أن دعوة الصائم لا ترد.
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر،
الإمام العادل، ودعوة المظلوم» [رواه أحمد والترمذي وابن ماجة].
قال: «الصائم حتى يفطر» أي: من الفجر إلى غروب الشمس له دعوة لا ترد.
اصبر: على الاجتهاد في الدعاء والتأدب بأدبه.
اشكر الله: على أنه سبحانه الشكور يعطي على العمل القليل الأجر الكثير.
فرمضان ما هو إلا أيام قلائل قال الله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [ البقرة :184]
اصبر: واصبر على المداومة على هذا العمل.
اشكر الله: على نعمه بكثرة الجود والصدقة.
اصبر: على صد قطاع الطريق.
اشكر الله: على أن شرع لنا الأكل في الليل إلى الفجر بعد أن كان النوم يمنعهم من ذلك .
قال
تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [ البقرة : 187].
واصبر: على تأخير أكلة السحور وأنت محتسب.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور» [رواه أحمد].
اشكر الله: على عظيم فضله في هذا الشهر بإنزال القرآن.
وقد
ذكر الله ذلك في ثنايا الكلام عن الصوم قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [ البقرة : 185].
وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» [رواه أحمد في مسنده].
واصبر: على ملازمة قراءته وفهم معانيه.
اشكر الله: أن جعل ليلة القدر خير من ألف شهر.
{لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [ القدر: 3] ما هي إلا أيام معدودة
تتحرى فيها مثل هذه الليلة المباركة، هذا وفي الحديث «إن الشهر قد حضركم
وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا
محروم» [أخرجه ابن ماجة].
اصبر: على مدافعة الهوى والمشاغل والتفرغ في هذه العشر