منتديات عصامي للعلوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةجديد المنتدياتأحدث الصورالتسجيلدخول

... تعتذر إدارة منتديات عصامي للعلوم لك يا زائر عن كل إشهار قد يظهر على صفحاته ، و هو غير لائق بمقام المنتديات لأنه ملك لاستضافة أحلى منتدى ...
التوحيد أولا وآخرا Oouou10

 

 التوحيد أولا وآخرا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو الحارث حسام السلفي

أبو الحارث حسام السلفي


عدد المشاركات : 125
نقاط المشاركات : 392
نقاط التميز : 3
تاريخ التسجيل : 27/07/2010
العمر : 35
الموقع : www.rslan.com
رسالتي : قال أسد السنة وقامع البدعة أبو العباس عبد الحليم بن تيمية - رحمه الله - :بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين .

التوحيد أولا وآخرا Empty
مُساهمةموضوع: التوحيد أولا وآخرا   التوحيد أولا وآخرا Avatarالجمعة يوليو 30, 2010 2:23 am

أهميـَّة التوحيـد

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا ومن سيّئاتِ أعمالنا، من يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُه ورسولُُه، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ` يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 71].

أمّا بعد: فإنّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمّدٍ r، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النّار.

أمّا بعد: فَيُسْعِدُني أن أتكلَّمَ في موضوعٍ مهمٍّ لا يبلغُه موضوعٌ آخر ولا يقاربُه في الأهمِّية، وهو موضوعُ التوحيد وأهميتُه الذي يقول فيه الإمامُ ابنُ تَيْمِيَةَ ـ رحمه الله ـ: <التوحيدُ سرُّ القُرآن، ولبُّ الإيمان> ويقول الإمامُ ابنُ القيّم ـ رحمه الله تعالى ـ بعد أن تكلّم عن عقائدِ أهلِ الضَلال، من أهلِ الاتحاد ـ دعاةِ وَحْدَةِ الوجود ـ والجهمية والمعتزلة وغيرهم من الفرقِ الضالة قال: <إنّ التوحيدَ الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب فشيءٌ وراءَ ذلك كلِّه>. ثم قال: <التوحيدُ نوعان: توحيدٌ في المعرفةِ والإثبات وتوحيدٌ في الطلبِ والقصد، فالنوعُ الأوَّل: توحيدُ المعرفةِ والإثبات؛ فهو حقيقةُ ذاتِ الرّبِ وأسمائِه وصفاتِه، وأفعالِه، واستوائه فوق سماواتِه على عرشِه ـ سبحانه وتعالىـ، وإثباتُ عمومِ قضائه وقدرِه وحكمِه، وقد أفصحَ القرآنُ عن ذلك جِدَّ الإفصاح كما في أوَّلِ سُورةِ الحديد وأوَّلِ سورة طه وآخرِ سورة الحشر وأوَّلِ سُورة آل عمران وغيرِ ذلك من السُّور التي تضمّنت هذا النوعَ من التوحيد، وأما النوعُ الثاني فهو ما تضمنته سُورةُ الإخلاص و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ﴾ ، وما تضمنَهُ قولُ الله تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ﴾ [آل عمران: 64]، ومثل ما تضمّنته أوَّلُ سُورةِ ﴿تَنْزِيلُ الكِتاب…﴾ ،وجملةُ سورةِ الأنعام وأوَّلُ سُورةِ الأعراف وآخرُها، بل غالبُ القرآنِ في التوحيد،

بل القرآنُ كلُّه في التوحيد، وذلك أنّ القرآنَ إمّا خبرٌ عن اللهِ وأسمائِه وصفاتِه وأفعالِه، فذلك هو التوحيدُ العلميُّ الخبري وإمّا دعوةٌ إلى عبادتِه وحدَه ـ سبحانه وتعالى ـ، وخَلْعِ ما يُعْبَدُ من دُونِه، فهو توحيدُ الطلبِ والقصد، وإمّا أمرٌ ونهيٌ وإلزامٌ بطاعته في أمرِه ونهيِه، فذلك من مكمّلاتِ التوحيد، وإمّا خبرٌ عن أوليائه، وما كافأهم به في الحياة الدنيا وما يجزيهم به في الآخرة، فهذا جزاءٌ على التوحيد، وإما خبرٌ عن أهل الشرك وما نَزَل بهم من النَكالِ في الحياة الدنيا، وما يَحِلُّ بهم من العقابِ في الأخرى، فذلك جزاءُ من خَرَج عن حُكمِ التوحيد، فالقرآنُ كلُّه في التوحيد، وفي أهلِه وجزائِهم وفي من خالفَ التوحيدَ من أهل الشِّرك وجزائِهم،فأعاد القرآنَ كلَّه للتوحيد>. وهذا يدلّ دلالةً عظيمة جدًّا على أهمية التوحيد، ولا يَعرِف هذه الأهمية الكبيرة العظيمة إلاّ أئمةُ التوحيدِ من الرُسُلِ الكرام أولي العدل وغيرهم، ولا يعرفه إلاّ من حذا حذوهم في الاهتمام بهذا التوحيد والدعوة إليه.

ذلكم أن اللهَ ـ تبارك وتعالى ـ ما خَلَقَ السّموات والأرض والجنّ والإنس والجنّة والنار، وشرع الجهادَ، وكثيرًا من الأمور العظيمة، كلُّ ذلك من أجل هذا التوحيد، وعلى رأسِ التوحيد كلمةُ التوحيد ـ لا إله إلاّ الله ـ على لسان كلِّ رسول وعلى لسان كلّ نبي، ويلهج به الملائكة الكرام، ويكفينا قولُ الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ ` مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ` إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56 ـ 58]، فبيّن لنا أنّه لم يخلقنا لغرضٍ من الأغراض ـ جلّ وعزّ ـ وتَنَزَّه عن ذلك وإنّما خَلَقَنَا لعبادته، هذا الربُ العظيم الجليلُ الكبير الذي لا نستطيع أن نصفَه ولا نُخبر عن وصفه إلاّ بما أخبر به هوـ تعالى وتقدّسـ عن نَفْسِه، وأُحِبُّ أن أقرأ بعضَ الآيات التي تُنَّوِهُ عن عظمةِ الله سبحانه وتعالى وجلاله وعظمتِه، وأنّه سيّدُ هذا
الكون وربُّه والمسيطر عليه من أجل ذلك هو يستحقّ العبادة وحدَه ـ سبحانه وتعالى ـ، وأن يُخْلَصَ له الدّين، ولا نستطيع أن نُعَبِّرَ عن هذا الشيء، ولكنَّنَا نستوحي آياتٍ من القرآن تدلُّ على عظمةِ ربِّنا الجليل العظيم الذي يستحقّ هذه العبادة ويستحقّ أن نذل له، وأن نخضع له، وأن نستحييَ منه ـ سبحانه وتعالى ـ قال الله ـ تبارك وتعالى ـ: ﴿عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ` سَوَاءٌ مِنكُم مَنْ أَسَرَّ القَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ و َسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ هذه من صفات عظمته وجلاله ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِن دُونِهِ مِن وَالٍ ` هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ` وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ﴾ ـ شديدُ الأخذ، شديدُ البطش ـ ﴿لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ﴾ ـ وحده سبحانه وتعالى ـ ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ` وَللهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلاَلُهُم بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾.

هنا نقف خاشعين أمام عظمة الله ـ تبارك وتعالى ـ التي صرحت بها هذه الآيات، فالله العظيم، الجليل، الكبير، العالم بكلّ شيء الذي لا يخفى عليه شيء، ولا يقف في وجه إرادته شيء ـ سبحانه وتعالى ـ، ويخضع له من في السّموات والأرض، وتخضع له الملائكة ـ سبحانه وتعالى ـ وأنا لا أستطيع أن أعبّر...، والمقام لا يتسع لتفسير هذه الآيات، ولكن قد يكفيكم أن أَقرأَها عليكم وآياتٍ أخرى في هذا المعنى، تدلُّ على جلالِ الله وعظمتِه وعزّتِه وكبريائِه وعليائِه ـ سبحانه وتعالى ـ الذي تتضاءل كلُّ عظمةٍ وكلُّ جلالةٍ أمامَ عظمته، بل ليس هناك جلالةٌ وعظمةٌ أمام عظمةِ هذا الواحد القهار المعبود بحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ الذي قال ـ سبحانه وتعالى ـ ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ﴾ [الحج: 18] ـ سبحانه وتعالى ـ كلّ شيء يسجد له ويخرُّ خاضعًا ذليلاً لعظمته، الملائكة والأشجار والسماوات والأرض ومن فيها، وعظمة المخلوقات مهما بلغت من عظمة تتضاءلُ أمام عظمتِه، هذا الربُّ الذي يدعو الأنبياءُ إلى عبادته ـ سبحانه وتعالى ـ يدعون الأممَ الذين ذلّوا أمام الأشجار والأحجار وأمام الجنّ والشياطين، وتجاهلوا عظمةَ الله ـ تبارك وتعالى ـ، واستولى عليهم الشيطانُ وعبَثَ بعقولهم في الماضي ولا يزال، هذا العدوّ الألدّ الذي حذَّر الله ـ تبارك وتعالى ـ منه البشرية ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ` وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾. [يس : 60]

هذه دعوةُ الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ يدعون إلى عبادةِ هذا الربّ العظيم ـ عز وجلّ ـ، والذي وصف نَفْسَهُ في كُتُبِه المقدّسة، ووصف نفسه في هذا الكتاب العظيم في الآيات والسُّور، بل في القرآن كلِّه؛ كما ذكر ذلك ابنُ القيّم، ولعلِّي أَقرأُ بعضَ الآيات التي أشار إليها ابنُ القيم؛ لتدلّنا على عظمةِ الله، وتدفعنا إلى محبتِه والخضوعِ له والإخلاصِ له وإجلالِه وتقديسِه والخضوعِ لجلاله سبحانه وتعالى، في حين أصبح كثيرٌ من الناس يخضعون لبعضهم بعضًا أكثر مما يخضعون لله العليّ الكبير، الذي خضع له كلُّ شيء، وذلّ له كلُّ شيء ـ سبحانه وتعالى ـ، فلا ينبغي للعبد أن يكون عبدًا إلاّ لله، ولا يخضع إلاّ لعظمته وجلاله ـ سبحانه وتعالى ـ؛ يقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ` هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [الحشر: 23 ـ 24].

سبق في ما نقلت لكم من كلامِ ابنِ القيم أنّه لا تخلو آية إلا وهي متضمّنَةٌ للتوحيد، انظر إلى هذه الآيات في آخر سورة الحشر، تضمنت توحيدَ الألوهية في قوله: ﴿هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾، توحيد الأسماء والصفات في قوله: ﴿عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ...﴾،توحيد الربوبية في قوله: ﴿هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ الْمُصَوِّرُ﴾، فهذه الآيات القليلة في آخر سورة الحشر تضمنت كلَّ أنواعِ التوحيد،توحيد العبادة، توحيد الأسماء والصفات، توحيد الربوبية، ويقول الله ـ تبارك وتعالى ـ في أول سورة الحديد التي أشار إليها الإمام ابن القيم رحمه الله: ﴿سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ` لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ` هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [الحشر: 1 ـ 3]، تضمنت أنواعَ التوحيد الثلاثة، فقوله سبحانه وتعالى﴿سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أي: خضع لله وعبد الله، وهذا توحيد العبادة، وقوله تعالى ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ هذا توحيد الربوبية، وقوله تعالى: ﴿هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾هذا توحيد الأسماء والصفات، فالقرآن يحتاج إلى تدبُّر، وإلى عقولٍ واعية تعيه، وتعرف قدرَه، وقدرَ مُنْزِلِه ـ ربّ السماوات والأرض ـ هذا الرب العظيم، وقدر هذا الرسول العظيم الذي أُنزل عليه هذا القرآن، فَنَعْلَمُ هذا القرآن ونَعْمَلُ به بعد التدبُّر والتعقُّل والتفهُّم والإدراك الواعي لمرامي القرآن ومقاصدِه، خاصةً فيما يتعلّق بذات الربِّ وأسمائِه وصفاتِه، وما يستحقّه من العبادةِ والتقديرِ والتعظيمِ والإجلالِ والهيبةِ والخوفِ والحياءِ والمحبّةِ والذُلِّ إلى آخر أنواع العبادات التي نعرفها من هذا القرآنِ العظيم ومن سنّةِ نَبِيِّنَا الكريم عليه الصلاةُ والسّلام.

وقال الله تعالى في آية الكرسي﴿اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ

مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ﴾ [البقرة: 255] هذه الآية التي تعتبر أعظمُ آيةٍ في القرآن الكريم تضمَّنت كذلك توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

وقال الله سبحانه وتعالى في سورة الإخلاص ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ` اللهُ الصَّمَدُ ` لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ` وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1 ـ 4] تضمنت التوحيدَ العلمي الخبري، هذه السُّورة على وَجَازَتِها، قال الرسّولُ ـ عليه الصلاة والسلام ـ فيها <إنَّها تعدلُ ثُلُثَ القرآن>[1]،هذا يقوله رسولُ الله إمامُ أهل التوحيد، وأَعْرَفُ الناسِ بربِّه وأعلَمُهُمْ به، وأَعلمُ الناسِ بهذا القرآن الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

ونحن ليس عندنا تأمُّل ولا تدبُّر ولا تفّهم، كيف تعدل ثلث القرآن؟! قال بعضُ العلماء ومنهم ابنُ تيمية: <إنّ القرآن ثلاثة أقسام: القسم الأول: في الأحكام، والقسم الثاني: في الأخبار والقَصَص وما شاكل ذلك، والقسم الثالث: في التوحيد> وهذه ـ سورة الإخلاص ـ تضمّنت كلَّ أنواعِ التوحيد، توحيد الإثبات؛ إثباتُ الكمال بكلّ أنواعه لله ـ تبارك وتعالى ـ، وتوحيدُ التَّنْزيه؛ تَنْزيه الله عن كلّ عيبٍ ونقص ـ تعالى الله وتبارك وتقدس وتَنَزّه عن كلّ نقص وله الأسماء الحسنى والصفات العلىـ،

وأمّا التوحيدُ الثاني الذي يُفيدُ العبادة، القرآنُ مليءٌ به وما بُعِثَتْ الرُّسل من أوّلهم إلى آخرهم إلاّ من أجله، وما شُرِعَ الجهادُ إلاّ من أجله، و لا الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر إلا من أجله؛ لأنّ توحيدَ الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات فَطَرَ اللهُ الناسَ عليه، فلا يُكَاِبرُون فيه ولا يُجَاِدلُون فيه؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ﴾ [لقمان: 25] وقال سبحانه وتعالى: ﴿أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ﴾ [يونس: 31].

فكانت الأممُ تنحرفُ وتَضِلُّ في توحيد العبادة، من أوَّل انحرافٍ بدأ في قوم نوحٍ إلى آخرهم، إلى قيام الساعة، أكثر ما يأتي الانحرافُ في هذا التوحيد، والشيطان يَجْلبُ بخيله ورَجْله على بني آدم الذي آلى على نفسه ليغوينّهم وليأتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن شمائلهم، وقال كما أخبر الله عنه ﴿وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: 17]، ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ` إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: 82]، فهو يركض في هذا الميدان أحرص ما يستطيع، ويكفيه أن يعبث بكثير من الناس أو أكثرهم ليصيِّرهم من عبيده، لأنهم يطيعونه في دعوته، ويلبُّون دعوته إلى الشرك بالله فيعبدونه؛ كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ` وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ [يس: 60 ـ 61]، فالضلال ـ كما قدَّمنا ـ يقع في هذا التوحيد الذي يمثل قسمًا كبيرًا من القرآن.

ومنها سورة ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ﴾ التي أشار إليها الإمام ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ هذه تسمّى سورة الإخلاص الثانية، تلك -الأولى- تسمى سورة الإخلاص؛ لأنّه أُخلص فيها التوحيد، أي: توحيد الأسماء والصفات وهو التوحيد العلمي الخبري، وهذه أخلصت فيها العبادة لله ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ ` لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ` وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ` وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ ` وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ` لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [سورة الكافرون:1 ـ 6] فيه إثبات العبادة لله ـ تبارك وتعالى ـ والبراءة من عبادة غير الله ومن العابدين لغير الله، فهي سورة البراءة، وهي سورة الإخلاص، وهي سورة عظيمةٌ يجب أن نفهمها ونتدبّرها لعظم شأنها، وعظم شأن ما شاكلها من السُّور والآيات في وجوب إفراد الله ـ جلَّ وعلا ـ في العبادة، والبراءة من عبادة الطاغوت، وأشار ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ إلى بعض الآيات وإلى بعض السُّور نذكر منها الذي يخطر بالبال الآن.

فمنها سورة الزمر؛ قال الله ـ تبارك وتعالى ـ في أولها: ﴿تَنزِيلُ الكِتَابِ مِنَ اللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ ` إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ ` أَلا للهِ الدِّينُ الخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: 1 ـ 3]، إلى هذا أشار الإمامُ ابنُ القيّم، وإلى مثل قول الله ـ تبارك وتعالىـ ﴿قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي﴾ [الزمر: 14]، وأشار إلى مثل قول الله ـ تبارك وتعالىـ تهديدًا للأنبياء ـ عليهم الصلاة والسّلام ـ ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ ـ يعني الأنبياء ـ ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ` بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِنَ

الشَّاكِرِينَ `﴾، ثم أخبر عن حال المشركين به سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: 65 ـ 67]، هذا في توحيد العبادة، تهديدٌ لكلّ نبيٍّ؛ فما من نبيٍّ إلا وجاءه الإنذار، وجاءه التهديد العظيم الذي ـ واللهِ ـ ترتجفُ قلوبُ المؤمنين حينما تتأمّل وتسمع دَوِيَّه ودويَّ هذا الترهيب من الله الذي شأنه أنَّ السماوات مطوياتٌ بيمينه ـ سبحانه وتعالى ـ، السماواتُ والأرضُ جميعًا قبضتُه يومَ القيامة، فالمسلمون يعبدون هذا الرّب العظيم الجليل، والنصارى واليهود والمشركون والقبوريون يَعْبُدون الأموات ويَعْبُدون البشر والأحجار، أيُّ عِزَّةٍ وأيُّ رفعةٍ تحصل للمسلم الذي لا يعبدُ إلا هذا الإلهَ العظيم! ولهذا يقول ـ تبارك وتعالى ـ ﴿وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، العزةُ لله ولأهل التوحيد؛ لأنهم لا يخضعون ولا يحنون رؤوسـهم إلاّ لله، ولا يخـافون ولا يرجُون ولا يَرْغَبُون ولا يَطْمَعُون إلاّ فيما عند هذا الإله العظيم الجبّار الذي بيده كلّ شيء، وكلُّ شيءٍ ملكُه، وكلّ شيءٍ هو آخذٌ بناصيته سبحانه وتعالى، فيجب على المسلم أن يقف خائفًا مرتعدَ الفرائص حينما يَذكرُ اللهَ وحينما يؤدي أيَّ عبادةٍ فليكن في المقام الذي أشار إليه الرسّول ـ عليه الصلاة والسّلام ـ في مقام الإحسان <أن تَعْبُدَ اللهَ كَأَنّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُن تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ>[2].

يتسع الحديث في شرح كلام ابن القيم، وعندي في الموضوع فقرات أحبُّ أن أنتقل إليها، ولكن أدعوكم إلى أن تقرؤوا هذا الكلام، وهو في الجزء الثالث من <مدارج السّالكين> (ص 450) استفيدوا واستضيئوا به في معرفة التوحيد والآيات التي أشار إليها، وقوله في الأخير إنّ القرآنَ في التوحيد، ثم ذكر أنواعَ التوحيد وما يُكَمِّلُ التوحيد، استفيدوا من هذا الدرس.

هذه خلاصةٌ عظيمةٌ جدًّا، والله نحن ما نصل إليها

ونعترف بالعجز، فنحن واللهِ نتتلمذُ على مثل هؤلاء الأئمّة ونأخذُ منهم مثل هذه المفاتيح ونسيرُ في ضوئِها، نستفيد منهم في فهم كتابِ ربنا وسنّةِ نبيِّنا عليه أفضل الصَّلاة، هذا التوحيدُ لأهمّيته أنزل الله من أجله الكتب، وأرسل به الرسل، وتحدث الله عن قَصَصِ الأنبياء.
كلُّ الدعوات الموجودة الآن على وجه الأرض إذا رَسَمَت لنفسها طريقًا للدعوةِ إلى اللهِ غير الطريقة التي رسمها الله لأنبيائِه ورسلِه والتزموها ونفّذوها فقد ضلّوا؛ كما قال سبحانه وتعالى ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: 130]، ما هي ملة إبراهيم ؟ هي التوحيد والدعوة إليه ، فإبراهيم عليه السَّلام بدأ بالدعوة إلى التوحيد وناضلَ في هذا الميدان وحارب القريبَ والبعيد وناظرهم وأقام الحجّةَ عليهم، ثم بعد ذلك لماَّ يَئِسَ من استجابتهم ذهب إلى أصنامهم وحطّمَها، فاغتاظوا لأجل هذه الأصنام وغَضِبُوا من أجلِها، ولم يروا شيئًا يشفي غيظَهم إلاّ أن يقذفوه في النَّار، فنجَّاه الله منها فصارت عليه بردًا وسلامًا، وجعلهم الله الأسفلين، وكذلك نوحٌ عليه السَّلام قبله لبث ألفًا إلاّ خمسين عامًا يدعو إلى توحيد الله تبارك وتعالى، عندما تأتي إلى بلدٍ عندهم خرافات وبدع وشرك وضلالات، هل نقول لهم: تعالوا نقيم دولة أو نبدأ بتصحيح عقائدهم حكامًا ومحكومين؟؟ فأمّا الطريق التي رسمها الله فتبدأ بتصحيح عقيدة الحاكم، بأن تخبره أنّ الله هو ربُه، وأن يُعْبَدَ الله، وأن يُخْلَصَ له الدِّين، فإذا صلح وأصلح رعيته واستجابوا دخلوا في الإسلام تمامًا وسيكونون على أتمّ الاستعداد لتنفيذ حاكمية الله، وإذا رفضوا هذا فسوف يرفضون الحاكمية أيضًا ولن يستجيبوا لك، ومن السّفه ومن مخالفة دين الأنبياء ومنهجِهم أن تقصد إلى الحاكمية وتَسْلُك مثل هذه الأشياء؛ كما تفعل كثيرٌ من الدعوات، إمّا أن تذهب إلى جانب التصوّف، وإماَّ أن تذهب إلى جانب السّياسة وتترك دعوةَ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام، فتكون النتيجةُ هي الضياع والخسران في الدنيا والآخرة؛ لأنها قامت على غير منهجِ الأنبياء وقامت على أسسٍ فاسدة وقامت على الأهواء؛ لأنهم إذا لولم يكن عندهم أهواء وأغراض شخصية ومصالح لما قفزوا عن دعوة الأنبياء التي التزموها وطبَّقُوها، ولهذا أشار ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ إلى الآيات من سورة الأعراف؛ يشير إلى دعوة الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام، ما من نبيّ، نوح وهود وصالح وشعيب وموسى قصَّ الله قصصهم مُفصَّلة، كلُّ واحدٍ يدعو قومه يقول: ﴿اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف: 59]، وبيَّنَ مواقفَ هؤلاء الضـالّين، وكيف كذبُّوهم، وكيف رموهم بالسّفاهة، وكيف رَمَوْهم بالجهل ، فأعداءُ الأنبياء تعرفونهم من مواقفهم تجاه دعوة التوحيد كما وقف أسلافهم للرُّسل بالرَّد والتكذيب والاستهزاء إذا دعاهم الأنبياء إلى عبادةِ الله وحده وإخلاصِ الدين له ونبذِ الأوثان وخلعِها والبراءةِ منها، ومع هذا كلِّه الأنبياء لا يتجاوزون الدعوة إلى توحيد الله، فإذا استجابوا فالحمد لله، ومشـوا بهم خطوات أخرى، وإذا لم يستجيبوا وقفوا في هذه النقطة ولا يتجاوزونها، ويظلون يلهجون بالدعوة إلى التوحيد، والرسُّولr كما عرفتم عاش ثلاث عشرة سنة في مكّة لا يدعو إلى شيءٍ غير التوحيد، لم يخف عليه إقامة الدولة آنذاك، ولم يكن مُهمَلاً ذكرها في القرآن الكريم، لكن يدعو إلى التوحيد واثقاً بوعد الله عزَّ وجلَّ ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33].

فعن خَبَّابِ بن الْأَرَتِّ رضي الله عنه قال : شَكَوْنَا إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا له : ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو اللَّهَ لنا قال : ( كان الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ له في الأرض فَيُجْعَلُ فيه فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ على رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وما يَصُدُّهُ ذلك عن دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ما دُونَ لَحْمِهِ من عَظْمٍ أو عَصَبٍ وما يَصُدُّهُ ذلك عن دِينِهِ والله لَيُتِمَّنَّ هذا الْأَمْرَ حتى يَسِيرَ الرَّاكِبُ من صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إلا اللَّهَ أو الذِّئْبَ على غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ )([3]).

وقد حقَّق الله عزَّ وجلَّ ما وعد رسوله صلى الله عليه وسلم من الظهور العظيم على يديه وعلى يدي الخلفاء الرَّاشدين؛ حيث أظهرهم الله وأظهر دينهم على الأديان كلِّها .



وكان صلى الله عليه وسلم يكتب إلى الأمراء وإلى غيرهم وكتب إلى قيصر ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[4] [آل عمران: 64]، وكَتبَ إلى كسرى بنحو هذا الكلام.

وكتب إلى غيره قريبًا من هذا المضمون ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ بعدما قامت الدولة يدعوهم إلى التوحيد، وحينما بعث معاذًا إلى اليمن رتَّب له أمور الدَّعوة فقال: ( إنَّك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أوّلَ ما تدعوهم إليه شهادةُ أن لا إلهَ إلاّ اللهَ> ، أهل الكتاب يؤمنون بالجنّة يؤمنون بالنار يؤمنون بالله يؤمنون بالملائكة، ويقولون لا إله إلاّ الله، لكن أفسدوا معنى لا إله إلاّ الله فقال: <فلْيكُن أوّل ما تدعوهم إليه، شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله، وأنّ محمّدًا رسولُ الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم ـ انتقل إلى مرحلة أخرى ـ أن الله افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أنّ الله افترضَ عليهم صدقةً تُؤْخَذُ من أغنيائهم فَتُلْقى إلى فقرائهم>[5].

هذه هي الطريقةُ الصحيحة للدعوةِ إلى اللهِ تبارك وتعالى، الآن العالَم الإسلامي تذهب إلى الشرق والغرب، تجد أوثانا وقبورًا، تجد مدنا من القبور، تدعى من دون الله، ويستغاث بها من دون الله، وتشدّ إليها الرحال كما تشدّ إلى البيت العتيق، ويطاف بهذه الأوثان، ويركع ويسجد لها، ويعتقدون فيها ما يخجل منه أبو جهل من أنّها تعلم الغيب وتتصرّف في الكون! وقد أتيت بعض البلدان ورأيت كيف الخشوع والخضوع والذلّ والطمع في أموات لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا! والله ما رأيت هذا الخشوع عند بيت الله العتيق! ـ وربِّ السماء ـ ويَخُور بعضهم كما يخور الثور، ويخرُّ يهوي على عتبة الولي طمعًا ورجاءً وخوفًا ورغبةً! وينسى الله تبارك وتعالى! أمر عظيم! الدعوات الموجودة غير دعوة التوحيد؛ دعوة الإمام المجدِّد محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تقف تتفرّج أمام هذه المشاهد المخزية، ولا ترى هذه منكرًا، بل تؤيِّدها، بل يذهبون في أيّام الانتخابات إلى هذه الأوثان، أو إلى أكبرها، فيخرُّون لها راكعين ويقدِّمون لها الزهور والنذور إجلالاً وتعظيماً لها، بدل أن يدعوا إلى التوحيد، واللهِ يفعلون هذه الأمور وهم معدودون دعاةً إسلاميين! فيَضِلّون ويُضلّون الأمَّةَ ويغرقونهم ويغمسونهم غمسًا إلى الحضيض في الضلال والشرك بالله تبارك وتعالى، ولا تجدُ دعوةً تواجهُ هذه الوثنية إلاّ دعوة الله تبارك وتعالى.

على كلِّ حال سأذكر لكم مقتطفات عن التوحيد وأُحِيلُكُم على كُتُبِ التوحيد، فإنَّ هذه المحاضرة إذا طالت لا تُغْني شيئًا، إنَّما نُوَجهكم ونُبيُّن لكم شيئًا من مكانة التوحيد وفضله وما شاكل ذلك، ادرسوا <كتاب التوحيد> للإمام محمّد ـ رحمه الله ـ وافهموه حقَّ الفهم، واقرأوا شُرُوحَه <تيسير العزيز الحميد>، وكتاب <فتح المجيد>، و<القول السديد>، و< قُرّة عيون الموحدّين>، وما شـاكل ذلك، واقرأوا <كشف الشبهات>، و<الأصول الثلاثة> للشيخ محمَّد كذلك، و<التوسل والوسيلة>، لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وكتاب <إغاثة اللهفان> للإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ، واقرأوا القرآن قبل كلّ هذه؛ فإنّه كتابُ التوحيد كما قال ابنُ القيم ـ رحمه الله ـ، واقرأوا كتبَ ابنِ تيمية عمومًا؛ فإنّه ما من مجالٍ يكتب فيه إلاَّ ويعرِّج على العقيدة ويَسْتَطردُ إليها لأهميتها عنده، واقرأوا كُتبَ ابنِ القيم أيضًا الأخرى مثل <زاد المعاد>؛ فإنّ له لمحات وإشارات وتوضيحات في هذا الباب.

وقد تأمَّلت حياة المسلم فوجدتها قائمةً على التوحيد فنأتي إلى الصلاة

إذا توضَّأت تقول <باسم الله>، تُسَمِّي الله وتتوضأ، هذا توحيد وإذا فرغت تقول كما في الحديث عن النَّبيِّ ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ <ما من عبدٍ يتوضأُ فَيسبغُ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحدَهُ لا شريكَ له، وأنّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُه، إلا فُتحتْ له أبوابُ الجنَّةِ الثمانية، يدخلُ مِنْ أَيِّها شاء>[6]، هذا توحيد، تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسولُ الله توحيد، فَتُفْتَحُ لك أبوابُ الجنَّة الثمانية، تدخل من أيِّها شئت، لأنّ كلمة لا إله إلاّ الله: لو وُضِعَتْ السَّماوات السَّبع ومن فيهنَّ غيرُ الله في كِفَّة، والأرضون السّبع أيضًا ولا إله إلاّ الله في كِفَّة لمالت بهنَّ لا إله إلاّ الله، هذا جاء عن موسى ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ وفي هذا الأثر شيءٌ من الضعف، ولكن

يشدُّه وصيَّةُ نوحٍ لابنِه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أوصاه عند موته قال: <يا بُنَي آمُرُكَ بأن لا إله إلاّ الله؛ ـ وهذا حديث صحيح ـ فإنّها لو وضعت في كِفَّة، ووضعت السماوات السبع والأرضون السبع في كِفَّة، لمالت بهنّ لا إله إلاّ الله>[7]، فإذا قالها العبدُ صادقًا، مخلصًا لله تبارك وتعالى، عارفاً بمعناها عاملاً بمقتضاها تفتحت له أبوابُ الجنّة.

فإذا قمت إلى الصلاة تفتتحها بالتوحيد، فتقول: <الله أكبر> هذا توحيد ، ثمَّ تستفتح فإمّا أن تقول: <وَجهتُ وجهي للذي فَطَرَ السماوات والأرضَ حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين...>[8]. وإما تقول <سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسْمُك، وتعالى جَدُك، ولا إلهَ غيرُك>[9]. في أنواع جاءت في الاستفتاح كلُّها توحيد، ومن جملتها <اللهمّ ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطرَ السَّماوات والأرض، عَالِمَ الغيب والشَّهـادة، أنـت تَحْكُمُ بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لما اخْتُلِفَ فيه من الحقّ بإذنك، إنّك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم>[10].

وجاء في صلاة اللّيل، أنواعٌ كثيرةٌ من الاستفتاحات منها أنّ رسولَ الله r كان يقول: <الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، ثلاث مرّات، الحمد لله ثلاث مرّات>، ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ يقول هذا، وَوَرَدَ أنّه <يُكُبِّرُ اللهَ عشرًا، ويحمَدُ اللهَ عشرًا، ويُسَبِحُ الله عشرًا>[11] في بعضِ صلواتِه في اللَّيل ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ وكثيرٌ من هذه الأنواع كلّها توحيد، ثمّ بعد ذلك تقرأُ سورةَ الفاتحة، وهي كلُّها توحيد ﴿الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾، توحيد ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، توحيد ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، توحيد ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾… كلّها توحيد، انظر كيف قامت الصَّلاة على التوحيد؛ حينما تركع تقول <الله أكبر>، هذا توحيد، <سبحان ربي العظيم وبحمده، سبحان ربي العظيم وبحمده>[12] <سُبُّوحٌ قُدُّوس، سُبُّوحٌ قُدُّوس، ربُّ الملائكة والرّوح>[13] توحيد، وأذكار أخرى، يعني تأتي أيضًا في الرُكوع، ترفع <سَمِعَ الله لمن حَمِدَه>[14]، هذا توحيد <ربنا ولك الحمد، مِلْئ السَّماوات ومِلْئ الأرض، ومِلْئ ما بينهما، ومِلْئ ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد، لا مانعَ لما أَعْطَيْت، ولا مُعْطِيَ لما مَنَعْت، ولا يَنْفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدّ>[15]، هذا توحيد، وتَخِرُّ ساجدًا لله ـ تبارك وتعالى ـ توحيد فتقول: <سُبْحَانَ ربي الأعلى، سُبْحَانَ ربي الأعلى، سُبْحَانَ ربي الأعلى، سُبْحَانَ ربي الأعلى..>[16] <سُبُّوحٌ قُدُّوس، سُبُّوحٌ قُدُّوس، سُبُّوحٌ قُدُّوس>[17]، تقول مثل هذا، <اللهمَّ إنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كثيرًا، ولا يَغِْفُر الذُنُوبَ إلاّ أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنَّك أنت الغفور الرحيم>[18]، هذا الدعاء الذي علَّمه رسولُ الله r لأبي بكر يدعو به في صلاتِه توحيد، التَشَهّدْ توحيد، والآذان يرفع شعار التوحيد، فهذه العبادة انظروا ماذا تضمَّنت من توحيد الله في كلِّ حركة من الحركات، كلُّها قائمةٌ على توحيد الله تبارك وتعالى، الحجّ حينما تتأمّله تجده كلُّه قائماً على التوحيد، التلبية التي تَشْرَعُ بها في الحج، <لبيكَ اللهمّ لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إنّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والملك لا شريكَ لك>[19]، كيف سمَّاها الصحابة رضي الله عنهم؟ قالوا: أَهَلَّ رسولُ الله r بالتوحيد>، بل رسولُ الله r وأصحابُه لم يتوقفوا عن رفع شعار التوحيد، وظلّوا يرفعون أصواتَهم به حتى بُحَّتْ أصواتُهم، وكانو إذا أتوا شَرَفاً كبَّروا وإذا هبطوا منحدراً سبَّحوا[20] في حجٍّ أو غيره من الأسفار والغزوات

والشاهد أنَّ الرسول r ظلّ وأصحابُه يهتفون بالتلبية، إلى أن دخلوا مكَّة، ولما وصل إلى البيت الحرام شرع يُكَبر ويطوف ويَقرأُ القرآن أو يَذكرُ الله، هذا توحيد، ثم أتى إلى مقام إبراهيم ليصليَّ ركعتين، فهذا توحيد كذلك، ويَقرأُ فيهما سُورتي التوحيد <الإخلاص>، <قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ>[21] هذا توحيد، كلُّ هذه الأفعال تربيةٌ على التوحيد، تتحرك و تنام وتسافر وتستيقظ وتقرأ وتصلِّي، كلُّه توحيد، لكن كثيراً من الناس غافلون للأسف الشديد، يحتاجون إلى تنبيه، ليُدركُوا تَغَلْغُل التوحيد في كلِّ حركة من حركات المؤمن، لما تنام عندك أدعية هي كلُّها توحيد، لما تستيقظ أدعية كلُّها توحيد.

أنبّهكم إلى أهميّة التوحيد ومكانَتِه، حيث إنّ حياتَك أيُّها المؤمن إن كُنْتَ صادقًا في إيمانك ومخلصًا في توحيدك تستطيع أن تَجْعَلَها كلَّها توحيداً

وتقديساً وإجلالاً وعبادةً لله ربِّ العالمين، فهذه هي أهميَّة التوحيد.

أمّا خطورة الشرك، أنتقل الآن إلى هذه النقطة وسمعتم ما قرأنا من تهديد الله لأنبيائه ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، وقول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسَّلام ـ وقال سبحانه وتعالى مخبراً عن دعاء رسوله إبراهيم ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [إبراهيم: 35]، هذا وإبراهيم أبو الأنبياء وإمامُ الموحدين وإمامُ الحُنفاء ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ﴾، ويقول الله عزَّ وجلَّ عنه ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ ` أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 132]، وقال الله تعالى في المشركين:﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة: 72]، وقال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾ [الحج: 31]، إذا عرفت خطورةَ الشِّرك لا تزداد إن شاء الله إلاّ تشبثًا بالتوحيد ومعرفةً لمكانة التوحيد، أسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يُثَبِّتَنَا وإيّاكم على توحيده وإجلالِه وتعظيمِه، وإخلاصِ الدِّين له، وأن يُجَنِّبَنَا وإياكم الشّرك والبدع والنفاق ما ظهر من كلّ ذلك وما بطن؛ إنَّ ربنّا لسميع الدعاء.

وصلى الله على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوحيد أولا وآخرا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قرص التوحيد أولا يا دعاة الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عصامي للعلوم :: .:. المركز الثقافي .:. :: مكتبة عصامي الإلكترونية :: الصوتيات و المرئيات-
انتقل الى: